الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

فضفضة حافظ

#فضفضة_ حافظ
أن نعيش مع القرآن ونفقه معانيه يعني أن تكون بيننا وبينه صداقة فنرى في القرآن حلّا لمشكلاتنا، وجوابا لتساؤلاتنا، وملامسةً لواقعنا، ومن ثم شفاء لما في صدورنا.

#فضفضة_حافظ
القرآن  أرشدني أن أُلهِم الناس الأمل، وعلمني الطموح لكل خير، واكسبني الرقي بكل شيء.

#فضفضة_حافظ
القرآن وهبني التفاؤل بأن غدا سيكون أجمل. ومنحني العزيمة عند الشدائد، والإصرار على تحدي الصعاب، ومواصلة المسير.

#فضفضة_حافظ
بالقرآن تبدلت نظرتي للحياة، حتى أبصرت الجمال المخبوء بين طيات الحزن كل شيءٍ جميل ، وما مررتُ بضائقة، إلا كان القرآن بفضل الله لي عونا ومخلصي، يحول بيني وبين الأسى لئلا استسلم للصعاب.

#فضفضة_حافظ
بقدر ملازمتك للقرآن بقدر ما يعطيك القرآن من أسراره وكنوزه.. وكلٌ يفتح الله عليه بابا من أبواب الفهم للقرآن ودلالاته

#فضفضة_حافظ
سلوا أصحاب القرآن عن متعة التسميع أمام معلمة تفخر بك إذا رأتك مجتهدًا وتخاف عليك إن رأتك مهموماً فتأخذ فؤادك إليها بالدعاء .


#فضفضة_حافظ
الوحدة .. العزلة .. الإنفراد
يعتبرها بعضهم مرضًا نفسيا يحتاج للعلاج ..!!
ويعتبرها أهل القرآن نعمة يهربون من الناس لأجلها !!

#فضفضة_حافظ
من عجائب القرآن أنه سهل الحفظ سريع التفلت ، وذلك لكيلا يزاحمه أحد ، فيكون هو شغلك الشاغل وصاحبك الدائم وأنيسك في الليل والنهار.

#فضفضة_حافظ
في زمن كثرت فيه الملهيات والمتغيرات والفتن بشتى أشكالها لابد أن تستميت من أجل أن تبقى في عداد الحفّّاظ لكتاب الله .

#فضفضة_حافظ
وأنت تقرأ القرآن ابحث عن نفسك بعد كل اية، ستجد ما يقصدك ويعنيك ستجد ما ينفعك ويحتويك، ستجد دواء يشفيك، وسعادة تكسُر همّ ماضيك.

#فضفضة_حافظ
كم من دمعة مسحها القرآن وكم من جرح ضمده القرآن وكم من روح آنس وحشتها القرآن كم هم أهل القرآن في نعمة عظيمة لا يستشعرها سواهم

#فضفضة_حافظ
عندما تستصعب سورة أو تعسر حفظك لها كررها واستشعر كم قرأت من حرف والحرف بكم حسنة ومايضاعفها
ستجد نفسك مقبلًا بعزيمة وإصرار.

#فضفضة_حافظ
ما دمنا مع القرآن فلن يضيعنا الله.

#فضفضة_حافظ
لا تبعدك المعاصي عن القرآن فإنها والله أكبر ما يحول بين الحافظ والقرآن .

#فضفضة_حافظ
من أقبل على القرأن بِكُل مافيه أقبل عليه القرأن

#فضفضة_حافظ
ذٰلك القرآن عَزيز لايُعطى لِمن أخذه بِضَعف أو تكاسل،
خُذه بِحقه!!

#فضفضة_حافظ
يامن رزقك الله وامتن عليك بأن جعل صدرك مستودع لكلامه ،أحسن الحفظ .. واحفظ الأمانة ، فحري بصدر يحمل كلام الله
أن لايحمل إلا كل خير ،

#فضفضة_حافظ
لا تدع فرحة الحفظ تلهيك عن تثبيته
فالمحافظة على قرآنك في صدرك يحتاج منك عناية من مداومة على تلاوته واستظهاره وقيام به بالليل .

#فضفضة_حافظ
لا تيأس وتقول لم أتقن .. الزمن أمامك .. والحياة مشرقة بهيّة ..
فقط ثبت قدمك .. واستمر بطريقك
وسوف تلقى مايسرك .

#فضفضة_حافظ
قال أحد السلف لطلابه : أتحفظ القرآن ؟
قال : لا
قال : مؤمن لا يحفظ القرآن ! فبم يتنعم ! فبم يترنم ! فبم يناجي ربه !"

#فضفضة_حافظ
إذا أحسست بثقل في إتمام وردك
فاعلم أن هناك ذنبا جثم على القلب فكدره.
قال عثمان رضي الله عنه
لو صفت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا"

#فضفضة_حافظ
لا تتعثر مهما كثرت في طريقك العقبات ..
لا بد من العقبات .. ولا بد من الصبر .. بل المصابرة والمجاهدة ..( منقول)

الاثنين، 13 يوليو 2015

يوسف

13 رمضان
#وقفات_مع_الأجزاء
الجزء الثالث عشر :

يوسف / 53 === آخر سورة "إبراهيم"

أهل الصلاح يظهر عليهم صلاحهم ، ويحبهم الناس ،
وينجذبون إلى عدلهم وصدقهم ،
فأهل البلد من الكفار والفساق :
الملك ، وخباز الملك وغيرهم لجؤوا إلى يوسف عليه السلام :
( إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف : 78
فحالتك وسيرتك وهيئتك وأفعالك تخبر أنك من المحسنين .
محمد المنجد / 100 فائدة من سورة يوسف .
==========
تأمل دقة يوسف عليه السلام لما قال :
( مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ) يوسف : 79 ،
فلم يقل : من سرق
! لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق ،
فكان دقيقاً في عباراته ، فلم يتهم أخاه ،
كما لم يثر الشكوك حول دعوى الرقة ،
فما أحوجنا إلى الدقة في كلماتنا ، مع تحقق الوصول إلى مرادنا .
أ.د. ناصر العمر .
=============
يبين إيمان المؤمن عند الابتلاء ،
فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثراً للإجابة ،
ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس ؛
لعلمه أن ربه أعلم بمصالحه منه ؛
أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام ؟
بقي ثمانين سنة في البلاء ورجاؤه لا يتغير ،
فلما ضم بنيامين بعد فقد يوسف لم يتغير أمله
وقال : ( عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً ) يوسف :83 ،
فإياك أن تستطيل زمان البلاء ، وتضجر من كثرة الدعاء ،
فإنك مبتلى بالبلاء ، متعبد بالصبر والدعاء ،
ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء .
ابن الجوزي / صيد الخاطر ( 552 ) .
============
قوله تعالى : ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) يوسف :87 ،
رغم كثرة المصائب وشدة النكبات والمتغيرات التي تعاقبت على نبي الله يعقوب عليه السلام ، إلا أن الذي لم يتغير أبدا هو حسن ظنه بربه .
صالح المغامسي .
=========
من تأمل ذل إخوة يوسف لما قالوا : ( وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ) يوسف :88
عرف شؤم الزلل !.
ابن الجوزي / صيد الخاطر ص 90 .
==========
يزداد التعجب ويشتد الاستغراب من أناس يقرؤن سورة يوسف ،
ويرون ما عمله إخوته معه عندما فرقوا بينه وبين أبيه ،
وما ترتب على ذلك من مآسي وفواجع :
إلقاء في البئر ، وبيعة مملوكاً ، وتعريضه للفتن وسجنه ، واتهامه بالسرقة ..
بعد ذلك كله يأتي منه ذلك الموقف الرائع :
( لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ ) يوسف : 92
يرون ذلك فلا يعفون ولا يصفحون ؟
فهلا عفوت أخي كما عفى بلا مَن ولا أذى ؟
ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟ .
أ.د. ناصر العمر .
============
تأمل قول يوسف عليه السلام :
( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ ) يوسف : 100 ،
فلم يذكر خروجه من الجب ، مع أن النعمة فيه أعظم ،
لوجهين :
أحدهما : لئلا يستحي إخوته ، والكريم يغضي عن اللوم ، ولا سيما في وقت الصفاء .
والثاني :لأن السجن كان باختياره ، فكان الخروج منه أعظم ، بخلاف الجب .
الزركشي / البرهان 3/66 .
=========
قول يوسف عليه السلام :
( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ) يوسف : 100 ،
فيه الحفاظ على مشاعر الآخرين وعدم جرحها ،
فإنه ما قال : بعدما ظلمني إخوتي ، وبعدها ألقوني في الجب
؛بل أضاف ذلك إلى الشيطان ،
وهذا من مكارم الأخلاق وتلك أخلاق الأنبياء .
محمد المنجد / 100 فائدة من سورة يوسف .
========
( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) يوسف :110 ،
هذه الآية تجعل الداعية يترقب الخروج من الضيق إلى السعة ،
مبشرة بعيشة راضية ، ومستقبل واعد ، رغم المحن القاسية ، والظروف المحيطة ؛
فالحوادث المؤلمة مكسبة لحظوظ جليلة من نصر مرتقب ، وثواب مدخر ،
وتطهير من ذنب ، وتنبيه من غفلة ، وكل ذلك خير ،
فـ " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير " ،
فلماذا اليأس والقنوط ؟
أ.د. ناصر العمر .
============
*سورة الرعد
ثلاث سور تجلت فيها عظمة وقوة الخالق سبحانه ،
تفتح الأبصار إلى دلائل ذلك في الكون القريب منا ،
من تدبرها حقاً ، شعر ببرد اليقين في قلبه ،
وأدخل عظمة الله في كل شعرة من جسده :
( الرعد ، فاطر ، الملك ) .
د. عصام العويد .
==========
( فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ) الرعد : 17 ،
قال ابن عباس :هذا مثل ضربة الله ،
احتملت القلوب من الوحي على قدر يقينها وشكها ،
فأما الشك فما ينفع معه العمل ، وأما اليقين فينفع الله به أهله .
الدر المنثور 4/632 .
==========
الزواج من سنن المرسلين ،
كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ) الرعد : 38 ،
فحري بمن وفقه الله لهذه السنة أن يستشعر الاقتداء بهم ،
ذلك مما يضاعف الأجر ، ويعظم المثوبة
========
في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ) الرعد :38 ، إشارة إلى أن الله تعالى إذا شرف شخصاً بولايته ،
لم تضره مباشرة أحكام البشرية من الأهل والولد ،
ولم يكن بسط الدنيا له قدحا في ولايته .
الآلوسي / تفسيره 9/307 .
==========
*سورة إبراهيم
قال قتادة في قوله تعالى : (مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ ) إبراهيم : 31 ،
فلينظر رجل من يخالل ؟
وعلام يصاحب ؟
فإن كان لله فليداوم ،
وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عداوة يوم القيامة إلا خلة المتقين :
( الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ) الزخرف : 67 .
الدر المنثور 5/43 .
=========
كان الحسن البصري يردد في ليلة قوله تعالى :
( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ) إبراهيم :34 ،
فقيل له في ذلك ؟!
فقال : إن فيها لمعتبراً ،
ما نرفع طرفاً ولا نرده إلا وقع على نعمة ،
وما لا نعلمه من نعم الله أكثر !.
=========
عن السدي في قوله تعالى : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمَ ) إبراهيم :37 ،
قال : خذ بقلوب الناس إليهم
، فإنه حيث تهوي القلب يذهب الجسد ،
فلذلك ليس من مؤمن إلا وقلبه معلق بحب الكعبة .
الدر المنثور 8/560 .

===========
تأمل سر اختيار القطران دون غيره في قوله تعالى
: ( سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ) إبراهيم :50 ،
وذلك – والله أعلم – لأن له أربع خصائص :
حار على الجلد ،
وسريع الاشتعال في النار ،
ومنتن الريح ،
وأسود اللون ،
تطلى به أجسامهم حتى تكون سرابيل !
ثم تذكر – أجارك الله من عذابه – أن التفاوت بين قطران الدنيا وقطران الآخرة ، كالتفاوت بين نار الدنيا ونار الآخرة ! .
انظر الكشاف :3/294 .
============
مشروع (لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)
يأتيكم عبر الرقم 00201027431770
تقبل[اقتطعه واتساب]

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

المؤمنون

وقفات مع الجزء الثامن عشر من القرآن الكريم

سورة المؤمنون

اقرأ أول سورة " المؤمنون " بتدبر ،
تجد أن من أهم صفات المؤمنين المفلحين :
إتقان العمل ، والمداومة عليه ،
وهذان الأمران هما سر النجاح وأساس الفلاح ،
فالخشوع في الصلاة يشير إلى ضرورة الإتقان ،
والمحافظة على جميع الصلوات لا تكون إلا بالمداومة والاستمرار .
د. محمد القحطاني .
...............................................................................................................
سورة المؤمنون أولها ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) المؤمنون : 1
وآخرها : ( إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون : 117
فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة !
[ الزمخشري / الكشاف 4/373 ]
فتأمل – يا عبد الله – في الصفات التي جعلت أولئك المؤمنون يفلحون ،
وتأمل أواخر هذه السورة لتدرك لم لا يفلح الكافرون ؟! .
...............................................................................................................
من أعظم موانع الخشوع :
كثرة اللغو والحديث الذي لا منفعة فيه ؛
ولذلك ذكر من صفات المؤمنين إعراضهم عن اللغو بعدما ذكر خشوعهم
فقال : ( قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ ) المؤمنون 1-3 .
د. محمد الخضيري .
...............................................................................................................
تأمل كيف قرن الله بين أكل الطيبات وعمل الصالحات في قوله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ) المؤمنون : 51 ،
فأكل الحلال الطيب مما يعين العبد على فعل الصالحات ،
كما أن أكل الحرام أو الوقوع في المشتبهات مما يثقل العبد عن فعل الصالحات .
فهد العيبان .
...............................................................................................................
أوصى سفيان الثوري رجلاً فقال :
إياك أن تزداد بحلمه عنك جرأة على المعصية ،
فإن الله لم يرض لأنبيائه المعصية والحرام والظلم ،
فقال : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ) المؤمنون : 51 ،
ثم قال للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) البقرة : 267 ،
ثم أجملها فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) البقرة : 168 .
حلية الأولياء 7/24 .
...............................................................................................................
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )
المؤمنون : 60 ،
أي : خائفة ،
يقول الحسن البصري : يعملون ما يعملون من أعمال البر ، وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم ،
إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة وإن المنافق جمع إساءة وأمنا .
تفسير الطبري 19 / 45 .
...............................................................................................................
كان سهل بن عبد الله التستري يقول :
إنما خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة ، وعند كل حركة ،
وهم الذين وصفهم الله تعالى بقوله : ( وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) المؤمنون : 60 .
إحياء علوم الدين 4/172 .
...............................................................................................................
( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) المؤمنون : 61 ،
هذا دليل على أن المبادرة إلى الأعمال الصالحة ؛
من صلاة في أول الوقت – وغير ذلك من العبادات – هو الأفضل ،
ومدح الباري أدل دليل على صفة الفضل في الممدوح على غيره .
ابن العربي / أحكام القرآن 5 / 467 .
...............................................................................................................
( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) المؤمنون : 96 ،
فقه الآية : اسلك مسلك الكرام ، ولا تلحظ جانب المكافأة ، ادفع بغير عوض ،
ولا تسلك مسلك المبايعة ،
ويدخل فيه : سلم على من لم يسلم عليك ، والأمثلة تكثر .
ابن العربي / أحكام القرآن 5 / 473 .

الاثنين، 14 يوليو 2014

هدايات الأجزاء .15. الإسراء .الكهف 47

هدايات الأجزاء / الجزء الخامس عشر
أول سورة "الإسراء === الكهف / 74
*****************************
*بداية "الإسراء " تحدثت عن حقائق مهمة عن المسجد الأقصى ، و ذكر دخول بني إسرائيل و إفسادهم فيه .

*حديث عن هداية القرآن ، و ملامح عن الدارين و الساعين إليها .

*20 و صية رائعة تتعلق بأهم الأمور الخُلقية و الإجتماعية ، فتأمل موقفك منها !

*مُحاجة المشركين و إبطال دعوة الشركاء . و ذكر الحوار مع إبليس عند خلق " آدم " عليه السلام .

*توجيهات ربانية لنبينا – عليه الصلاة و السلام – بألا يركن إلى المشركين و لو قليلا ، بل يلتجيء إلى ربه ، مع تفنيد طلبات المشركين و مُحاجنهم ، و ذكر آيات الله في الكون .

*في ختام السورة تسلية للنبي صلى الله عليه و سلم بذكر تكذيب فرعون لموسى – عليه السلام - ، ثم تأكيد نزول القرآن من عند الله ,

*تضمنت سورة "الكهف" حديثا عن (4) فتن هي : الدين و المال و العلم و القوة .
*(الدين) === قصة أصحاب الكهف مثل حي لكل ناشيء يريد سلوك طريق الحق .
*(المال) === قصة الرجلين ، صاحب المال المُكذب بالساعة ، و الفقير المؤمن بالله ، و مصيرهما .
*(العلم) === قصة "موسى" – عليه السلام – مع الخضر مثل رائع لطلبة العلم ، في الأدب و الهمة العالية و الأمر بالمعروف و النهى عن المُنكر .
*******************

الإسراء

اكيد أغلبنا وصل سورة اﻹسراء ..تعالوا نعرف أكتر عنها

سورة الإسراء (مكية) نزلت بعد سورة القصص، وهي في ترتيب المصحف بعد سورة النحل، وعدد آياتها 111 آية. وتعرف هذه السورة بسورة بني إسرائيل.

أعظم اجتماع

ولكي نقف على محور وهدف السورة فنحن بحاجة للرجوع إلى قصة الإسراء نفسها، عندما أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وبعدها كانت رحلة المعراج إلى السماوات العلى. فلماذا لم تسم السورة باسم سورة المعراج؟ وما السر الكامن وراء تسمية السورة بهذا الاسم؟

لقد رافق هذا الحدث العظيم حدث آخر بنفس الأهمية، كان أعظم اجتماع في تاريخ البشرية. لقد كان المسجد الأقصى ممتلئاً عن آخره بأفضل الناس، أنبياء الله تعالى من لدن آدم حتى عيسى عليه السلام، وكلهم كانوا ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم، ليصلي بهم إماماً.

إمام الرسل والأنبياء

إنّ صلاة النبي بالأنبياء هي عنوان انتقال الرسالة إلى هذه الأمة واستلام النبي صلى الله عليه وسلم لواء قيادة البشرية في هذا المكان المبارك، المسجد الأقصى. فأنت يا محمد وأنتم يا أمة محمد أصبحتم مسؤولين عن الكتاب، أي عن الرسالة التي أرسلها الله إلى البشرية والتي تنتقل من نبي إلى نبي، ابتداء من سيدنا نوح الذي حمل الرسالة مع أولاده بعد الطوفان، لتصل إلى إبراهيم حامل الكتاب السماوي 
ومن ثم إلى موسى وعيسى عليهما السلام، إلى أن وصلت أخيراً إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته.

هدف السورة: استشعر قيمة القرآن

كيف يكون هذا هو هدف السورة؟ وما علاقة ذلك بالإسراء؟

إن سورة الإسراء هي أكثر سورة ذكر فيها القرآن والكتاب، وفي ذلك دلالة على استشعار قيمة القرآن. وحادثة الإسراء هي الحادثة الممثلة لانتقال الكتاب إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكأنها تقول لنا: أنتم يا أمة محمد مسؤولون عن هذا الكتاب، عن القرآن. فاستشعروا قيمته، وإياكم أن تفرطوا فيه كما فعلت الأمم السابقة فيستبدلكم الله كما استبدلهم.

اجعله إمامك

روى سيدنا علي بن أبي طالب حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح أهمية القرآن في حياتنا، وأنه طوق نجاة لمن يتخذه إماماً. يقول عليه الصلاة والسلام:

"ألا إنها ستكون فتنة" فقال سيدنا علي: فما المخرج منها يا رسول الله.

قال: "كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وفيه خبر ما بعدكم وحكم ما بينكم. هو بالفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله. هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يبلى من كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته إلا أن قالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً. من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعى به هدي إلى صراط مستقيم".

تعال معنا، يا قارئ القرآن، وبما أننا تقريباً في منتصف رحلتنا مع القرآن الكريم، لنعيش مع سورة القرآن ونستشعر عظمته من خلال آياتها.

انتقال الكتاب عبر الأمم

تبدأ السورة - كما هو واضح - بحادثة الإسراء:

]سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ..[(1).

وفي الآية الثانية مباشرة نرى قوله تعالى:

]وَءاتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ[ (2). لقد جاءت هذه الآية بعد حادثة الإسراء للتوضيح أن ذكر حادثة الإسراء يهدف إلى إعلان انتقال الكتاب إلى الأمة المحمدية، لذلك نرى أن الآية الثانية تحدثت عن الأمة التي كان معها الكتاب من قبل:

]وَءاتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِى إِسْرٰءيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً[ (2).

فكيف وصل الكتاب إليهم؟ ]ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا[ (3).

وكأن هذه الآيات الثلاث تصوير مادي لحركة انتقال الكتاب عبر الأمم.

فماذا فعلوا بالكتاب؟ ولماذا استبدلوا؟

]وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِى ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً[ (4)... وتمضي الآيات من 4 - 7 لتصوّر تضييع الأمة السابقة لهذه الأمانة إلى أن نصل إلى آية محورية، الآية 9، لتعلن مسؤولية أمة الإسلام، عن الكتاب.

]إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا & وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا[ (9 – 10).

فاستمسكوا بهذا الكتاب، واستعصموا به، فإنه يهديكم أيها المسلمون للتي هي أقوم...

أوامر الكتاب

ومن أول الربع الثاني تتكلم السورة عن عظمة هذا الكتاب، لأنه يأمر بما تقتضيه كل فطرة سليمة، فأي صاحب عقل سليم وفطرة سليمة غير مشوّشة لا يسعه حين يقرأ هذا الكتاب إلا أن يسلّم ويعترف بعظمته... فمن هذه الأوامر:

- برّ الوالدين ]وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا & وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا[(23 – 24)...

- استعمال المال في أوجه الخير ]وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا & إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِرَبّهِ كَفُورًا[ (26 - 27)..

- التوازن بين البخل والإسراف ]وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُوراً[ (29)...

نداء الفطرة

كلها أوامر ونواهي تخاطب العقل السليم والفطرة الحية، فمن يعرض عن هذا الكلام؟ كيف نهجره وكيف لا نستمسك به؟ وفيه مصلحة البشر وخيرهم...

- ]وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا[ (31).

- ]وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً[(32).

ولأن الآيات تخاطب الفطرة، فقد تكلمت عن الزنا أنه "ساء سبيلاً" لأنه فِعلٌ بالغ القُبح، وإن لم يلاحظ بعض أصحاب النفوس الضعيفة ذلك، لأنه لا يترتب على المَشي في طريقه إلا الهلاك والكوارث، مثل قتل الأنفس، وضعف الرزق، وظُلمة الوجه، واختلاط الأنساب والحياة البائسة الكئيبة...

- ]وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱلله إِلاَّ بِٱلحَقّ[(33).

- ]وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ[(34).

- ]وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ..[ (35).

- ]وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً[ (36).

- ]وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً[ (37).

فمن يرفض مثل هذا الكلام، وكيف يمكن للمسلمين أن يهجروا هذا الكتاب، وهو يأمرهم بكل هذا الخير وينهاهم عما فيه ضررهم وهلاكهم؟ ]كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيّئُهُ عِنْدَ رَبّكَ مَكْرُوهًا[(38).

لذلك نرى تعقيباً رائعاً على كل ما سبق ]ذٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ..[ (39) فكل ما سبق حكمة، وكله يؤدي بالإنسان لأن يعيش حياة كريمة في الدنيا والآخرة، فإذا غفل عنها: ]وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱلله إِلَـٰهًا ءاخَرَ فَتُلْقَىٰ فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا[ (39). فهل أدركنا عظمة هذا القرآن؟ وربنا سبحانه وتعالى يخبرنا بأن الخير كل الخير موجود في القرآن:

]وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا[ (41).

قيمة القرآن

وبعد أن بيّنت الآيات عظمة القرآن وأهمية أحكامه، تقوم بعد ذلك بين الآية والأخرى بذكر مزايا الكتاب (فهي أكثر سور القرآن إيراداً للكتاب)، فنرى فيها:

حفظ القرآن لأهله: ]وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرءانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا & وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى ءاذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى ٱلْقُرْءانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ نُفُوراً[ (45-46).

اشتمال القرآن على أسرار التاريخ وسنن قيام الحضارات: ]وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذٰلِك فِى ٱلْكِتَـٰبِ مَسْطُورًا[ (58).

فالإنسان حين يرى تركيز سورة الإسراء على عظمة القرآن وهو لا يزال في منتصف القرآن(الجزء 15)، فلا بد أن يستشعر أهميته ولا يمر على آياته مرور الكرام، لأن هذه الآيات ستكون فرصة عظيمة له لرفع درجاته يوم القيامة، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "يقال لقارئ القرآن يوم القيامة إقرأ وارق ورتّل فإنّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها"..

فعدد درجات الجنة يا أخي المسلم هو بعدد آيات القرآن. ألا تريد الجنة؟ ألا تحلم بها وتتمناها؟ ألا تريد الفردوس الأعلى؟ إذاً فالزم قراءة هذا القرآن، وخاصة في صلاة الفجر وفي قيام الليل.

]أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيْلِ وَقُرْءانَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْءانَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا[(78).

]وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً 
مَّحْمُودًا[ (79).

شفاء ورحمة للمؤمنين

واسمع قوله تعالى:

]وَنُنَزّلُ مِنَ ٱلْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا..[ (82). فكما قلنا في سورة النحل، لم ترد لفظة الشفاء في القرآن إلا للعسل والقرآن، لأن العسل شفاء الأبدان من الأمراض، والقرآن شفاء للقلوب ودواء لأرواح المؤمنين الذين يعرفون قيمته.

تحدي القرآن

والآيات التي تحدثت عن عظمة القرآن كثيرة في السورة: ]قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا[ (88).

فافتخر بهذا التحدي الذي لا يزال قائماً إلى يوم القيامة.

]وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ مِن كُلّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا[ (89).

فكل احتياجات الحياة الكريمة موجودة في هذا القرآن، لكن أكثر الناس يأبى إلا الكفر والجحود.

دور القرآن

]وَبِٱلْحَقّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشّرًا وَنَذِيرًا & وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَـٰهُ تَنْزِيلاً[ (105 – 106)..

لقد سميت هذه السورة بسورة الإسراء حتى نتذكر -كلما قرأناها - النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يستلم الكتاب في رحلة الإسراء، ويسلّمه لنا من بعده.

وبما أننا تحملنا مسؤولية حمل القرآن، فينبغي أن نكثر من قراءته، ليس في رمضان فقط، بل في كل الشهور، وينبغي أن نتدبره ونعمل به ونعلّمه لمن حولنا وننشره وننفّذ منهجه...

أحبّاء القرآن

وختام السورة تذكرة بأناس أحبّوا القرآن حباً شديداً، وفهموا هدف سورة الإسراء، فتفاعلوا مع كتاب الله تفاعلاً صادقاً: ]قُلْ ءامِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا & وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً & وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا[ (107 – 109).

والحمد لله، لقد أصبحنا نرى هذه الآيات تنطبق على بعض الشباب في المساجد، وخاصة في شهر رمضان. تنظر إليهم فتراهم "يخرون للأذقان يبكون". وكلما تليت عليهم آيات القرآن تزيدهم خشوعاً... وهو أمر مطمئن، لأن تعامل الشباب مع القرآن بهذا المستوى يبشّر ببوادر خير لهذه الأمة.

يرفع أقواماً ويضع آخرين

فإن لم نكن كأحباء القرآن الذين ذكروا في الآيات السابقة، فإن نفس الآيات تحذرنا من الاستبدال ]قُلْ ءامِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ[. فالأمم السابقة قد قصرت في حفظ الكتاب وتبليغه فنزع منها إلى الأمة التي تليها فالتي تليها حتى وصل إلينا، فماذا لو قصرت هذه الأمة في حمل الأمانة؟

إن الحساب سيكون أشد يوم القيامة لأننا آخر أمة ستحمل هذه الأمانة قبل قيام الساعة، فلا يجدر بنا أن نقصّر، بل نجتهد في حمل هذه الأمانة، وتطبيق حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"تركتُ فيكُم ما إن تمسَّكتُم به لن تضِلُّوا بعدي أبداً: كِتاب الله، وسُنَّتي". فلا نهضة لأمتنا ولا عز ولا خروج من الظلمات إلى النور إلا بهذا الكتاب: ]كِتَابٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ[.

كنوز من الحسنات

استشعر وأنت تقرأ القرآن - إلى جانب عظمته وأهميته - الكم الهائل من الحسنات التي ترافق قراءة القرآن.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول "من قرأ حرفاً من القرآن فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ]الم[ حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف"...

فإذا قرأت "بسم الله الرحمن الرحيم" مثلاً - وفيها تسعة عشر حرفاً - فإنك تنال مئة وتسعين حسنة.

إذاً فجزء القرآن - الذي يكون متوسط حروفه سبعة آلاف حرف - ينال عليه المسلم سبعين ألف حسنة في الأوقات العادية، فما بالك بالأوقات المستحبة (كصلاة الفجر أو قيام الليل أو شهر رمضان).

آلاف الحسنات في قراءة جزء لا يأخذ منا أكثر من ثلاثة أرباع الساعة، فما بالك بمن ينفّذه؟ فما بالك بمن يسمع الآيات بنيّة تنفيذها وتطبيقها؟ فما بالك بمن يفهم القرآن، ويعرف مراد ربنا من كل سورة؟ إذاً فماذا يكون حال من يشعر أن القرآن أمانة في عُنُقه، فيرغّب من حوله بقراءة القرآن ويفسّر لهم بعض معانيه الرائعة التي نعيش معها؟

لا بد للشاب المسلم الذي قرأ سورة الإسراء وفهم مراد ربنا منها أن يتعامل مع القرآن من الآن وصاعداً بجدية متناهية، وأن ينذر حياته ليكون من أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته.

من الإسراء إلى الكهف

ومن الإشارات اللطيفة، أن نرى الحديث عن القرآن يمتد من ختام سورة الإسراء إلى بداية سورة الكهف. فبعد أن ختمت سورة الإسراء بسجدة حتى تستشعر فيها حلاوة القرآن وتبكي من خشية الله، ثم تحمده على نعمة القرآن، هذه النعمة العظيمة التي بدأت سورة الكهف بشكر ربنا عليها: ]ٱلْحَمْدُ لله ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَـٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا[ (1).